الثلاثاء, 17 يونيو 2025 12:04 AM

الاقتصاد الإسرائيلي على المحك: هل يتحمل تبعات المواجهة مع إيران بعد حرب غزة؟

الاقتصاد الإسرائيلي على المحك: هل يتحمل تبعات المواجهة مع إيران بعد حرب غزة؟

725 مليون دولار يومياً: فاتورة الحرب الإسرائيلية الإيرانية تثقل كاهل اقتصاد تل أبيب

في ظل التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحدياً وجودياً. فبعد أشهر من حرب غزة التي استنزفت نحو 85 مليار دولار، وتسببت في عجز مالي متفاقم، يثار التساؤل حول قدرة إسرائيل على تحمل حرب جديدة، قد تكون أوسع نطاقاً وأطول أمداً، مع إيران.

أعباء غير مسبوقة تثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي

تشير التقديرات الأولية إلى أن المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران ستكون باهظة التكلفة. فبحسب مسؤول دفاعي إسرائيلي سابق، تصل التكلفة اليومية المباشرة للحرب إلى حوالي 2.75 مليار شيقل (725 مليون دولار). هذا المبلغ الضخم يغطي نفقات الهجوم والدفاع، ولا يشمل الأضرار الاقتصادية غير المباشرة. وتثير هذه التكاليف مخاوف جدية، خاصة وأن موازنة إسرائيل لعام 2025 لم تخصص أي مبالغ لهذه الحرب المحتملة، مما يثير الشكوك حول الاستعداد المالي الرسمي للدولة.

على الرغم من تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التي أكد فيها على قوة ومتانة الاقتصاد الإسرائيلي، يرى محللون أن هذه التصريحات لا تعكس الواقع المالي المتأزم، ويحذرون من أن استمرار القتال قد يزيد الضغط على الموازنة المتضررة أصلاً بسبب حرب غزة.

بورصة تل أبيب
بورصة تل أبيب (أرشيفية – رويترز)

ارتفاع الإنفاق العسكري وتفاقم العجز المالي

تعكس الأرقام الرسمية ارتفاعاً حاداً في الإنفاق العسكري الإسرائيلي، حيث قفزت موازنة الدفاع بنسبة 65% في عام 2024 لتصل إلى 46.5 مليار دولار، أي ما يعادل 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الزيادة الكبيرة ساهمت بشكل مباشر في زيادة العجز المالي، المتوقع أن يبلغ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية الحالية. ومن المؤكد أن استمرار المواجهة بين إسرائيل وإيران سيرفع وتيرة الإنفاق ويزيد من عجز الموازنة، مما يضع الاقتصاد في موقف مالي هش.

نقص حاد في العمالة

إلى جانب العبء المالي، أدت تعبئة جنود الاحتياط وتعليق تصاريح العمل الفلسطينية إلى نقص حاد في اليد العاملة، خاصة في قطاعات البناء والزراعة. وقد حاولت الحكومة سد هذه الفجوات، لكن ذلك لا يعوض الخسائر الكبيرة الناتجة عن توقف أجزاء مهمة من النشاط الاقتصادي، مما يضعف بدوره قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على التعافي السريع.

مطار بن غوريون
شاشة تعرض حالة الرحلات الملغاة في صالة المغادرة بمطار بن غوريون (إ.ب.أ)

ارتفاع الدين العام وتراجع الاستثمار

ارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 61.3% في 2023 إلى نحو 69% في 2024، مما يشير إلى تزايد الأعباء المالية التي ستثقل كاهل الاقتصاد لفترة طويلة. ومن المتوقع أن يؤدي استمرار الصراع إلى تراجع الاستثمار وتباطؤ كبير في نمو الإنتاجية.

مواجهة إسرائيل وإيران: انتعاش أم انهيار؟

في ظل هذا المشهد المعقد، رسم موقع «كالكاليست» الاقتصادي الإسرائيلي سيناريوهين للاقتصاد الإسرائيلي بعد المواجهة الحالية مع إيران:

  1. السيناريو الأول: تحييد الخطر الإيراني كبوابة للانتعاش: إذا نجحت إسرائيل في تحقيق انتصار حاسم ضد التهديد الإيراني، فقد تفتح مرحلة جديدة من الاستقرار والنمو الاقتصادي. فإزالة ما يُطلق عليه «رأس الأفعى» يمكن أن تؤدي إلى خفض كبير في الإنفاق العسكري على المدى البعيد، مما ينعكس إيجابياً على عجز الموازنة والدين العام. هذا النجاح سيخفض علاوة المخاطر على الاقتصاد الإسرائيلي، مما يؤدي إلى خفض تكلفة الاقتراض وتحسّن التصنيف الائتماني، إلى جانب تدفق الاستثمارات الأجنبية.
  2. السيناريو الثاني: انهيار مالي محتّم: أما إذا تحولت المواجهة إلى حرب استنزاف طويلة، فإن التكلفة الاقتصادية ستتضاعف بلا هوادة، وستتدهور أوضاع المالية العامة، وستضطر الحكومة إلى رفع الضرائب وتقليص الإنفاق المدني. كما سيزيد ارتفاع نسبة الدين وتدهور التصنيف الائتماني من صعوبة التمويل الخارجي، مما سيؤثر سلباً على الاستثمار والاستهلاك، ويرفع معدلات الفقر والبطالة، الأمر الذي قد يجر الاقتصاد الإسرائيلي نحو أزمة مالية عميقة.
هجوم صاروخي
موقع متضرر بعد هجوم صاروخي من إيران على إسرائيل (رويترز)

مفترق طرق لاقتصاد إسرائيل

يقف الاقتصاد الإسرائيلي اليوم عند مفترق طرق حاسم، إذ يشكل انتصار عسكري سريع أو صراع مطول فرقاً شاسعاً بين الاستقرار والنمو من جهة، والانهيار المالي والاجتماعي من جهة أخرى. وفي الحالتين، ستلعب السياسات الحكومية الداخلية والخارجية الدور الحاسم في تحديد مسار الاقتصاد. والمفارقة أن مصير الاقتصاد الإسرائيلي لا يتحدد فقط على جبهات القتال في طهران أو غزة، بل أيضاً في مراكز القرار السياسي داخل إسرائيل.

مشاركة المقال: