الأربعاء, 18 يونيو 2025 02:36 AM

انتعاش محدود لمهن البناء والزراعة في الشمال السوري المدمر: عودة الحياة وسط الدمار

انتعاش محدود لمهن البناء والزراعة في الشمال السوري المدمر: عودة الحياة وسط الدمار

تشهد الأسواق في المدن والقرى المدمرة شمال غربي سوريا ركودًا واسعًا يفوق مناطق أخرى في البلاد. إلا أن الدمار الهائل الناتج عن الحملة العسكرية الأخيرة، ونزوح السكان ثم عودتهم، خلق وضعًا استثنائيًا في الأسواق.

بينما تضررت معظم المهن وخسر التجار بضائعهم، أصبحت العودة إلى مناطق ريفي إدلب الشرقي والجنوبي، وريف حماة الشمالي والغربي، وريف حلب الغربي، محفوفة بالمخاطر لمعظم أصحاب المهن، باستثناء قطاعي البناء والمعدات الزراعية.

في ظل هذه النكبة، يعمل السكان على استصلاح أراضيهم الزراعية وصيانة الآبار لتأمين مياه الري، مما يستلزم شراء معدات جديدة، وهو ما انعش سوق المعدات الزراعية. كما أن ترميم المباني المدمرة أصبح أولوية، مما أدى إلى تحسن قطاع مواد البناء، رغم ارتفاع الأسعار وأجور العمال.

خالد أبو أحمد، من ريف سراقب الشرقي، يقول إنه يفضل إصلاح مزرعته على منزله، أملًا في موسم زراعي جيد يعينه على إصلاح المنزل لاحقًا. وقد اضطر لشراء مضخة جديدة وأدوات للري والفلاحة ورش المبيدات، بتكلفة تقارب 20,000 دولار.

يشير أبو أحمد إلى خسارته الكبيرة بسبب الجفاف، حيث زرع أرضه بعد التحرير، لكن البذور والأسمدة والمبيدات ذهبت سدى بسبب قلة الأمطار، وهو ما فاقم خسائره التي تكبدها خلال النزوح.

أبو خالد، صاحب محل خردوات في معرة النعمان، يوضح أن الإقبال يتركز على مواد البناء والتمديدات الصحية والكهربائية والسيراميك، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وأجور العمال، وزيادة معاناة المهجرين العائدين.

يتحدث أبو خالد عن تضرر تجارته بشدة خلال النزوح عامي 2019 و2020، وصعوبة نقل بضائعه وتأمين سكن ومستودعات لها. كما خسر جزءًا كبيرًا من بضائعه بسبب التقدم السريع للقوات والقصف الجوي.

ويضيف أنه عانى من ارتفاع إيجارات المحلات وضعف الإقبال على مواد الإكساء في بلدة الدانا التي نزح إليها. لكنه اليوم يرى تحسنًا ملحوظًا في المبيعات، ويأمل في استعادة تجارته مع عودته إلى بلدته، معربًا عن أمله في تعويض خسائره.

النجار حمزة أبو علي من ريف حلب الغربي، يرى أن مهنته تضررت بسبب تراجع الإقبال على تفصيل الأبواب والشبابيك منذ عام 2011، بسبب الدمار والنزوح والقصف. وقد اضطر السكان لشراء المستعمل والبحث عن بدائل رخيصة، مما أثر على عمله وأرباحه.

ويشير إلى أن خسائره بلغت ذروتها مع الحملة العسكرية الأخيرة، لكنه يرى بوادر تحسن نسبية مع عودة السكان ومحاولتهم إصلاح منازلهم، مؤكدًا أن الوضع لا يزال دون المأمول، وأن السكان يبحثون عن البدائل الأقل تكلفة.

لم يتم اتخاذ أي خطوة نحو إعادة إعمار شاملة مدعومة من المانحين، فيما لا تزال تفاصيل تلك العملية غامضة. وتؤكد الحكومة السورية أنها تسعى لجذب الاستثمارات بدلًا من استجداء الدعم الخارجي.

ويعني ذلك أن المواطنين السوريين سيعانون لفترة من الزمن، ريثما تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران، فيما لا تزال أحوال البلاد متوقفة والبنية التحتية شبه مدمرة في كثير من المناطق.

مشاركة المقال: