في ظل استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران وتلميح واشنطن إلى إمكانية التدخل، تضاعف دول الخليج جهودها الدبلوماسية العاجلة، وإن كانت دون نتائج ملموسة حتى الآن، لتجنب حرب إقليمية تهدد استقرار المنطقة.
الرياض بدأت جهودًا دبلوماسية مكثفة منذ اليوم الأول للأزمة بهدف التهدئة، وفقًا للخبير المقرب من الحكومة السعودية علي الشهابي، الذي أشار إلى عدم وجود مؤشرات إيجابية قريبة.
بدأت إسرائيل هجومًا يستهدف مواقع عسكرية ونووية في إيران، وردت إيران بإطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيرة على مناطق في إسرائيل. وتزعم إسرائيل أن هجومها "وقائي" لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية، مع توجيه رسائل للشعب الإيراني تدعو إلى تغيير النظام.
دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية، كانت على خلاف شديد مع إيران، لكن الرياض وطهران اتفقتا على التهدئة منذ حوالي عامين. انهيار النظام الإيراني أو تفككه يمثل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار منطقة الخليج الغنية بالنفط، والتي تضم قواعد عسكرية أمريكية استراتيجية.
الاستقرار والسلام هما أساس صعود القوى الخليجية، مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تسعى إلى تطوير وتنويع اقتصاداتها المعتمدة على النفط من خلال تعزيز قطاعات الأعمال والسياحة.
الحرب بين إيران وإسرائيل دفعت قادة الخليج إلى تكثيف الاتصالات مع طهران وواشنطن وحلفاء إقليميين وغربيين للضغط الدبلوماسي لوقف التصعيد.
يرى الشهابي أن أفضل سيناريو هو التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، لكن الهجوم الإسرائيلي عرقل المحادثات الجارية بينهما حول الملف النووي الإيراني.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا إيران إلى "استسلام غير مشروط"، محذرًا من أن المرشد الأعلى الإيراني قد يكون هدفًا لواشنطن، ما أثار تكهنات حول تدخل أمريكي محتمل قد يؤدي إلى رد إيراني على القواعد والأصول العسكرية الأمريكية في الخليج.
الباحث المتخصص في سياسة الشرق الأوسط حسن الحسن يرى أن دول الخليج "لا تملك القدرة على التأثير في سلوك إسرائيل أو إيران أو على نتائج هذه الحرب".
ترامب طلب من إيران العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن طهران أبلغت وسطاء من قطر وعُمان بأنها "لن تتفاوض في ظل الهجوم" الإسرائيلي. ترامب أكد أن إيران تواصلت مع الولايات المتحدة للتفاوض، مضيفًا "قلت إنه فات الاوان للمباحثات".
عُمان تواصل اتصالاتها لاحتواء التوترات، لكن الحسن يشكك في قبول عروض الوساطة الخليجية، موضحًا أن "إسرائيل ليست في مزاج للتسوية وترامب يبدو غير راغب في ممارسة أي ضغط على نتنياهو".
الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، التي توسعت أهدافها بسرعة، قد تنتهي بشكل سيئ بالنسبة لجيران إيران في الخليج العربي، واحتمال تحول إيران إلى "دولة فاشلة" سيكون كابوسًا لتلك الدول، بالإضافة إلى خطر تغير الحكم الحالي بآخر "أكثر تطرفا وتشدّدا".
الإمارات انضمت إلى دعوات التهدئة، وأجرى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالات دبلوماسية مكثفة لخفض التصعيد وتجنب اتساعه، وتحدث مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان.
قطر، التي توسطت في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، تفاوضت مع إيران للإفراج عن خمسة أمريكيين في العام 2023. رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر حذر من أن "ليس من مصلحة دول الخليج أن ترى إيران الجارة الكبيرة تنهار"، موضحا أنها "معرضة لمخاطر التصعيد مباشرة قبل غيرها… وتدفع ثمنا باهظا للتصعيد الراهن".
دبلوماسي عربي يرى أن "إسرائيل تهدّدنا جميعا في الخليج"، متهما الدولة العبرية بـ"الاستهتار بأمننا". أي تصعيد يتجاوز حدود المواجهة الحالية قد يهدد أمن دول الخليج ومشاريعها التنموية الطموحة.
الحسن يختتم بأنه رغم التعاطف الضئيل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الخليج، "لا أحد يرغب في العيش في فوضى تتمكّن فيها إسرائيل من ضرب أي طرف متى شاءت دون أي اعتبار للقانون الدولي".