أصدر رئيس الجمهورية السورية، أحمد الشرع، المرسوم الجمهوري رقم 81 لعام 2025، والذي يقضي بإحالة 11 قاضياً إلى مجلس القضاء الأعلى لمحاكمتهم أصولاً، بناء على ما ورد في تقرير إدارة التفتيش القضائي رقم 76 بتاريخ 8 نيسان 2025، والمتعلق بـ “الأخطاء والمخالفات القانونية” المنسوبة إليهم.
يأتي المرسوم الجديد في توقيت حساس، إذ يطال أسماء بارزة في عدلية حلب، من بينهم القاضي حسين فوزي فرحو، الذي أثار جدلاً واسعاً بين النشطاء والحقوقيين. وبحسب ما ذكر ناشطون فإن القاضي فرحو متورط في “عدد كبير من الجرائم بحق الشعب السوري”، وكان قد أصدر أحكاماً قاسية بحق مئات المعتقلين بتهم تتعلق بالتظاهر ضد النظام السابق مطلع الثورة السورية.
وفي تصريح خاص لموقع ““، قال المحامي عبدو عبد الغفور، عضو نقابة المحامين في حلب، إن “هذه الإحالات القضائية ليست انتقاصاً من استقلال القضاء، بل خطوة طال انتظارها في مسار بناء الثقة بالعدالة”، مشدداً على أن “القاضي الذي يخطئ أو يتواطأ أو يرتشي يجب أن يخضع للمساءلة لا أن يُحمى خلف الحصانة”.
وأضاف عبد الغفور: “منذ عقود كانت يد التفتيش القضائي مشلولة بفعل تدخل الأجهزة الأمنية الأسدية التي رعَت القضاة الفاسدين، وفتح هذا الباب اليوم بشكل علني هو تحوّل إيجابي نأمل أن يكون بداية لتصحيح جدي”. ودعا إلى توسيع نطاق التحقيقات لتشمل كل من تورط في الفساد أو التواطؤ، مهما علا منصبه، معتبراً أن العدالة لا تتجزأ.
وأكد عبد الغفور أن “المرسوم وحده لا يكفي”، مطالباً بإصلاحات جذرية تشمل آليات تعيين القضاة، واستقلال الموازنة القضائية، وتحديث القوانين، وضمان مبدأ الفصل بين السلطات.
وختم قائلاً: “بصفتنا محامين، نحن لسنا على الحياد حين يُساء استخدام القضاء، نعتبر أنفسنا طرفاً أصيلاً في معركة تطهير هذه السلطة من موروث الفساد الذي كرّسه نظام الأسد، ولن نصمت عن أي تجاوز مهما كان مصدره”.
وتبقى المساءلة القضائية خطوة أولى نحو تحقيق العدالة، لكنها لا تكتمل دون إرادة سياسية واضحة لبناء قضاء مستقل يُعامل الجميع على قدم المساواة، بعيداً عن الحصانات والولاءات السابقة.