الثلاثاء, 17 يونيو 2025 02:34 AM

تصعيد خطير: إيران وإسرائيل تتبادلان الضربات وتوسّع دائرة الحرب وسط تحذيرات من تدخل أمريكي

تصعيد خطير: إيران وإسرائيل تتبادلان الضربات وتوسّع دائرة الحرب وسط تحذيرات من تدخل أمريكي

مع تكرار المشهد الليلي للقصف الصاروخي الإيراني المكثف الذي يغطي مساحة فلسطين المحتلة بأكملها، ويحدث دماراً غير مسبوق في المدن الإسرائيلية الرئيسية، وخاصة في البنية التحتية، يبدو أن المبادرة قد أفلتت من يد إسرائيل، التي لا يخدمها الوقت في هذا النوع من تبادل الضربات.

دفع ذلك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البحث عن مخرج، لكن تصريحاته تذبذبت بين الحديث عن السعي إلى "سلام" بين إسرائيل وإيران، وهو أمر غير واقعي على ما يبدو، والتلويح بتدخل أميركي قد يورط واشنطن في حرب طويلة غير مضمونة النتائج.

في غضون ذلك، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وكأنه يتصرف كمن يعلم أن خسارة هذه الحرب قد تطيح به، ويتجه نحو تصعيد إضافي يهدف إلى جر الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى المواجهة.

مع دخول الحرب يومها الرابع، توسعت الردود الإيرانية لتشمل النهار والليل، بعد أن كانت تقتصر خلال الأيام الأولى على صليات صاروخية ليلية.

عقب هجوم بعد الظهر برشقة صاروخية، عادت طهران وأطلقت نحو 30 صاروخاً مع حلول ليل أمس، واعترف جيش الاحتلال بأن "عدة مواقع أصيبت في إسرائيل" بهذه الصواريخ، دون تحديد طبيعتها. لكن جهاز الإطفاء الإسرائيلي أكد أن فرق الإنقاذ توجهت إلى مبنى على الساحل تعرض لـ "ضربة مباشرة".

تصريحات ترامب تذبذبت بين الحديث عن السعي إلى "سلام" بين إسرائيل وإيران، لا يبدو واقعياً، والتلويح بتدخل يورطه في الحرب.

بدوره، نشر جهاز "نجمة داوود الحمراء" للإسعاف لقطات لفرقه المنتشرة في حيفا، تظهر سيارات مشتعلة ومبنى سكنياً تضررت واجهته، مشيراً إلى أن فرقه نقلت 7 أشخاص أصيبوا في المبنى. كذلك، تحدثت وسائل إعلام عن تضرر 7 مبان في المدينة بشكل جزئي، وقالت إن حريقاً اشتعل في أحدها، وحوصر في داخله عدد من الأشخاص.

في ظل تصاعد الضربات الإيرانية، هدد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، العقيد رضا صياد، بأن "حجم الرد المدمر من جانب المقاتلين الإيرانيين الشجعان سيشمل بالتأكيد كل أجزاء الأراضي المحتلة". وأضاف مخاطباً الإسرائيليين: "غادروا الأراضي المحتلة لأنها بالتأكيد لن تكون صالحة للسكن في المستقبل"، مضيفاً: "إن الملاجئ لن تضمن الأمن" للإسرائيليين.

كما في الليلة الأولى للقصف الإيراني، من الجمعة إلى السبت، كانت ليلة السبت – الأحد أيضاً مشهودة بالنسبة إلى الإسرائيليين، حيث انهالت الصواريخ الإيرانية، ومنها صواريخ نوعية تستخدم للمرة الأولى على تل أبيب وحيفا ومحيطهما، مستهدفة مواقع استراتيجية مثل البنية التحتية النفطية في حيفا ومحيط مصانع "رافاييل" العسكرية، ومستوطنة بات يام جنوب تل أبيب.

أسفرت تلك الضربات عن مقتل 10 إسرائيليين وإصابة أكثر من 200، وفقاً لطواقم الدفاع المدني والشرطة. وبذلك، "ارتفع عدد القتلى في إسرائيل منذ بدء التصعيد إلى 13"، بحسب مكتب نتنياهو، الذي أضاف في بيان أن الضربات الإيرانية في تلك الليلة طاولت نحو 22 موقعاً في مناطق عدة.

في المقابل، استهدف الاحتلال مواقع عسكرية ومستودعات وقود في الجمهورية الإسلامية، حيث أفادت وسائل إعلام بأن حصيلة العدوان منذ بدئه بلغت 224 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، فيما أصيب المئات بجروح.

تحدث نتنياهو، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، عن أن إسرائيل "نالت" من رئيس الاستخبارات الإيرانية ونائبه في غارة جوية على طهران، أمس، فيما أكدت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن رئيس استخبارات الحرس الثوري، الجنرال محمد كاظمي، قتل مع الجنرالين حسن محقق ومحسن باقري. وكذلك، زعم نتنياهو أن إسرائيل "دمرت المنشأة الرئيسية" في موقع نطنز النووي في وسط إيران.

لاحقاً، أعلن جيش الاحتلال، مساء أمس، أن "سلاح الجو بدأ سلسلة من الضربات على العشرات من أهداف صواريخ أرض – أرض في غرب إيران"، بعدما كان ذكر أنه ضرب "أكثر من 80 هدفاً" في طهران ليلة السبت – الأحد، مشيراً إلى أن من بين تلك الأهداف "مقر وزارة الدفاع الإيرانية، ومقر المشروع النووي، وأهدافاً إضافية كان النظام الإيراني يخفي فيها الأرشيف النووي"، بحسب زعمه.

كما أعلن جيش الاحتلال أن "سلاح الجو نفذ ضربة استهدفت طائرة إيرانية مزودة للوقود جوياً في مطار مشهد، في شمال شرق إيران، على مسافة نحو 2300 كيلومتر من إسرائيل"، مشيراً إلى أنه يعمل "على فرض التفوق الجوي في الأجواء الإيرانية".

من جهتها، تحدثت وسائل إعلام إيرانية عن ضربات إسرائيلية في مدن مختلفة ولا سيما طهران. ونقلت وكالة "إيسنا" عن بيان للشرطة أنه "تم استهداف قيادة شرطة طهران الكبرى بطائرة مسيرة معادية"، مشيرة إلى أن الهجوم ألحق "أضراراً طفيفة" وتسبب بإصابة عدد من العناصر. وأفادت وزارة النفط الإيرانية، بدورها، بأن ضربات إسرائيلية استهدفت خزانين للوقود في طهران، أحدهما في شهران (شمال غرب طهران).

ترامب يقود الحراك السياسي: عكست مواكبة ترامب اللحظية للحرب مدى اهتمامه بها وتأثره بنتيجتها، حيث دعا إيران وإسرائيل إلى "إبرام تسوية"، مع تلميحه إلى أن انخراط واشنطن في النزاع "ممكن". وقال عبر منصته "تروث سوشال" إن "على إيران وإسرائيل إبرام تسوية، وسنبرم تسوية"، مشيراً إلى أن "الكثير من الاتصالات والاجتماعات تجري" بشأن التصعيد الراهن، معتبراً أنه يمكن "إحلال السلام قريباً بين البلدين، كما فعلت مع الهند وباكستان. اجعلوا الشرق الأوسط عظيماً مرة أخرى".

في مقابلة مع شبكة "إي بي سي نيوز" الأميركية، قال ترامب إنه "منفتح" على أن يؤدي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دور وساطة في النزاع. وأكد أن بوتين "مستعد. لقد اتصل وناقشنا الأمر مطولاً". واستدرك بأنه "من الممكن أن ننخرط في النزاع، لكن الولايات المتحدة ليست منخرطة في الوقت الراهن"، محذراً طهران من أنها ستواجه "كامل قوة" الجيش الأميركي إذا هاجمت الولايات المتحدة.

على الرغم من نفي ترامب، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس، إن طهران تحوز "دليلاً قاطعاً على دعم القوات الأميركية والقواعد الأميركية في المنطقة لهجمات القوات العسكرية للكيان الصهيوني".

أما نتنياهو الذي يتعرض لضغوط من الجمهور بسبب القصف الإيراني، فتوعد خلال تفقده موقع سقوط صاروخ في بات يام، إيران، بأنها "ستدفع ثمناً باهظاً جداً على قتل المدنيين والنساء والأطفال المتعمد".

واعتبر، في محاولة لتبرير العدوان الذي يتحمل مسؤوليته، أنه "كان لا بد لإسرائيل من تنفيذ هذه العملية"، مؤكداً "أننا سنحقق جميع أهدافنا وسنقضي على التهديد الوجودي المزدوج"، في إشارة إلى برنامجي إيران النووي والصاروخي.

مشاركة المقال: