بطريقة تلفت الأنظار داخل سيارته المتنقلة بين أحياء مدينة إدلب، يضع محمد شتلات نبات الزينة داخل سلال بلاستيكية، ليعرضها على الزبائن ويرعاها ويرتبها بحسب أحجامها ليبيعها ويحصل على ربح منها. يتسوق محمد كميات من نباتات الزينة من المشاتل قرب مدينة جسر الشغور غربي إدلب، باعتبارها تتمتع بتربة خصبة، ومياه وفيرة، وأسعار مناسبة، ثم يعرضها للبيع عبر سيارته.
وقال محمد لعنب بلدي، إنه يتسوّق أحجامًا مختلفة ليرضي جميع الزبائن، وتبدأ الأسعار من خمس ليرات تركية (ما يعادل تقريبًا 1500 ليرة سورية)، ويشتري نباتات منزلية تتميز بأزهار مختلفة الألوان، وسهلة الزراعة ولا تتطلب عناية كبيرة. ومن النباتات التي يبيعها “السجاد، القرنفل، الفستقة، الجلنارة، شكرية خانم، العطرية، ورد الصباح، زهر الشنتة، الغريبة، السرايا، قطر الندى، نسيم البحر، دردارة، ورد الساحل، والمجنونة”.
وبسبب قلة فرص العمل، وارتفاع تكاليف المعيشة في إدلب وأريافها المأهولة بالسكان، لجأ بعض أصحاب السيارات المكشوفة (السوزوكي) لشراء أصناف مختلفة من نباتات الزينة المنزلية، وبيعها ضمن الأحياء لتحقيق مصدر دخل مناسب. يتسوق الباعة كميات من نباتات الزينة من المشاتل ويبيعونها في “البازارات” الشعبية – 13 حزيران 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
بالليرة التركية
تنتشر العديد من المشاتل الزراعية على أطراف مدينة إدلب، ويقدم أصحابها بين الحين والآخر عروضًا ترويجية بأسعار مخفضة سواء للبيع بالجملة للباعة المتجولين أو بالقطعة للزبائن، وتعتبر فرصة لهم لتحقيق أرباح جيدة.
وتزدهر نباتات الزينة بأنواعها المتعددة، وتنمو بشكل جيد منذ بداية فصل الربيع وحتى أواخر فصل الصيف، منها ما يستمر إنتاجه ضمن فصل الشتاء فتتحمل درجات الحرارة المنخفضة، ومنها تجف أوراقها وتموت. ووفق رصد عنب بلدي، فإن أسعار الشتلات تبدأ من 5 ليرات تركية، وصولًا إلى 400 ليرة. على سبيل المثال، يعد الورد الجوري من النباتات مرتفعة الثمن، وتبدأ أسعار شتلاته من 70 إلى 150 ليرة تركية بحسب الحجم أو بحسب الإنتاج شهري أو الإزهار السنوي.
ومن النباتات التي تعيش ضمن المنازل في غرف الجلوس أو المطابخ، كـ”قلب عبد الوهاب، وورق الليمون”، وغيرها، تبلغ أسعارها من 200 إلى 400 ليرة تركية. تنتشر العديد من المشاتل الزراعية على أطراف مدينة إدلب – 13 حزيران 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
تأمين لوازم الزراعة
إلى جانب نباتات الزينة المنزلية، يبيع عبد الجبار لوازم زراعتها، من أوانٍ مختلفة الأحجام، وأسمدة، ومضادات للحشرات، و”إكسسوارات” بلاستيكية لتعليق النباتات المتدلية كـ”زهر الفي”، وبذلك يؤمّن للزبائن جميع المستلزمات خلال عرضها في البازارات الشعبية المتنقلة.
وبحسب ما قاله عبد الجبار لعنب بلدي، فإن معظم الزبائن من النساء اللواتي يرغبن باقتناء أنواع مختلفة من النباتات بأسعار رخيصة، فالبازارات الشعبية هي الملجأ لشرائها. وتختلف المرابح بحسب نسبة البيع والإقبال، فلا يوجد دخل ثابت، لكن مردودها متوسط نوعًا ما بحكم حاجة بعضها لرعاية خاصة كنبات “الغاردينيا”، فهي نبتة حساسة وتكره التنقل، فيتسوقها بحسب التواصي والطلب هي وغيرها من النباتات غالية الثمن، وقد يجف بعض من نباتات الزينة وتموت بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف ما يسبب خسارة لصاحبها.
نصائح وإرشادات
وجه المهندس الزراعي وسام عبد العال للباعة المتجولين ولزبائنهم مجموعة من النصائح لتلافي الخسارة، ففي فصل الصيف، تعاني نباتات الزينة المنزلية من إجهاد حراري وضوئي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة شدة الإضاءة، ما يهدد نموها وازدهارها، لهذا يجب على كل من منتجي نباتات الزينة، وبائعيها المتجولين، والمستهلكين الذين يشترونها، اتباع مجموعة من الإرشادات الفنية الدقيقة لضمان الحفاظ على صحة النبات وجماله.
أولًا: نصائح تقنية لمنتجي نباتات الزينة (المشاتل والمزارعون)، وهي:
- التحكم بدرجات الحرارة، عبر توفير تظليل للنباتات حسب احتياجها للضوء، فهناك نباتات ظلية بالكامل ونبات نصف ظلية ونباتات تحب الشمس، ومع ذلك وفي فصل الصيف مع أشعة الشمس الحارقة ينبغي توفير ظل خلال ساعات النهار بنسبة 50–70% لمعظم نباتات الزينة المنزلية باستخدام شبكات الظل (Green shade net) في الأسطح أو الشرفات، ويمكن استخدام ستارة بيضاء مثلًا خاصة للنباتات الحساسة للضوء.
- رش النباتات بشكل يومي صباحًا بالماء فقط، عبر مرش يدوي صغير بحيث يكون الرش ضبابيًا يساعد في إنعاش النباتات صيفًا، بالإضافة لرش الأرضيات بالماء لتقليل الحرارة حول النباتات (خاصة في المساحات المفتوحة أو فناء المنزل العربي).
- اتباع الري الذكي فقط قبل الغروب بساعة واحدة إلى ساعتين، لتقليل فقد رطوبة التربة والنبات معًا بالتبخر، وعدم الري وقت الظهيرة مهما كانت الظروف.
- عند الاضطرار لترك نباتات المنزل لفترة طويلة الطلب من الجيران العناية بها، أو وضع إناء بلاستيكي مثقوب من الأسفل بحيث يوفر ري تنقيط بطيء جدًا لحين العودة للمنزل، مع تجنب الإفراط في الري لأنه يؤدي إلى تعفن الجذور.
- استخدام الصحون السفلية ضروري جدًا مع تثقيب الإناء (الأصّيص) من الأسفل للحفاظ على تهوية للتربة ورطوبة منتظمة.
- تقليل التسميد، إذ يعتبر قاعدة عامة لنباتات الزينة المنزلية خاصة خلال الموجات الحارة لمنع الإجهاد، ويمكن الاعتماد على الطحالب البحرية بمعدل 5 غرامات لكل ليتر ماء ثم نقوم بالري بالمحلول.
وبدلًا من استخدام أسمدة عالية الفوسفور والبوتاسيوم لتحفيز الأزهار والجذور، يمكن فقط تنظيم الري مع تعطيش مدروس لتحفيز تشكل الجذور خاصة في “الأصيص” البلاستيكي التي لا نحتاج معها لتكوين جذور كثيفة. وعند ظهور أعراض نقص العناصر يمكن إضافة الحديد والعناصر الصغرى على شكل مخلبات (Chelates) لمعالجة اصفرار الأوراق.
- مراقبة الإصابة بالحشرات مثل التربس، المن، الذبابة البيضاء والعناكب الحمراء، مع استشارة خبير زراعي فور ملاحظة الأعراض، قبل قرار الرش بأي مادة خاصة، لافتًا إلى انتشار مقاطع فيديو كثيرة مفبركة أو غير علمية عن استخدام الفلفل الحار أو الخل الأبيض أو منقوع القريص أو غيره من المركبات التي قد تؤذي نباتات الزينة الثمينة مثل “الغاردينيا” و”الأروكاريا” وغيرها.
ويمكن بعد استشارة الخبير الزراعي، والتأكد من الإصابة، استخدام مبيدات حشرية آمنة عند الحاجة (مثل ألفا سايبرمثرين أو إمامكتين بنزوات مع مادة عضوية حسب الحاجة) وبجرعات محسوبة عادة نستخدم 3 مل مبيد لكل ليتر ماء. وبالنسبة للإصابات الفطرية، يعتبر مرض البياض الدقيقي المعروف شعبيًا بـ”الحوارة” أشهر الأمراض، خاصة على الورد الجوري والنفنوف، لذلك يمكن عمل رش وقائي بمبيدات فطرية تخصصية ومن شركات موثوقة مثل مبيد كوليس من شركة باير على سبيل المثال. تزدهر نباتات الزينة بأنواعها المتعددة في مشاتل إدلب – 13 حزيران 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
ثانيًا: نصائح تقنية لبائعي نباتات الزينة المتجولين، وهي:
- حماية النباتات خلال التنقل،عبر نقل النباتات في أوقات الصباح أو المساء لتقليل الإجهاد الحراري، وتغطية النباتات بشبك ظل خلال النقل أو العرض، وتجنب وضعها لفترات طويلة في السيارات المغلقة أو تحت الشمس المباشرة.
- العناية خلال العرض، عبر وضع النباتات في أماكن نصف مظللة، وتوفير ري معتدل يومي لتجنب الذبول، واستخدام بخاخ رذاذ لترطيب الأوراق.
- تثقيف الزبائن، عبر تقديم تعليمات مكتوبة أو شفهية حول العناية بالنبات، والتأكد من أن الزبائن يعرفون إذا كانت النبتة داخلية أو خارجية، والتنبيه إلى خطورة وضع النباتات مباشرة على النوافذ الجنوبية أو الغربية دون حماية. تنمو نباتات الزينة بشكل جيد منذ بداية فصل الربيع وحتى أواخر فصل الصيف – 13 حزيران 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
ثالثًا: نصائح للمستهلكين الذين يشترون نباتات الزينة، وهي:
- اختيار المكان المناسب في المنزل، فالنباتات الداخلية تفضل الضوء الساطع غير المباشر، والنباتات العصارية والصبار يمكن وضعها قرب النوافذ المشمسة، وعدم وضع النبات قرب المكيفات أو النوافذ ذات الهواء الساخن.
- الري المعتدل، من حلال الري فقط عندما تجف التربة العليا (2–3 سم)، وذلك باستخدام إصبع اليد أو عود خشبي لفحص رطوبة التربة، وتفريغ الماء الزائد من الصحون لتفادي تعفن الجذور.
- التسميد المنزلي، من خلال التسميد كل 3–4 أسابيع بسماد عضوي سائل ذي نوعية موثوقة حصرًا، وبمعدلات قليلة 2-3 مل تحل في ليتر ماء وتسقى النباتات منها حسب الحاجة، وتجنب التسميد في فترات الحرارة الشديدة أو للنباتات المزهرة حديثًا.
- المراقبة والعناية، من خلال مسح الغبار عن الأوراق بقطعة مبللة، وقص الأوراق الذابلة لتشجيع النمو الجديد، وفحص دوري للحشرات (المن، البق الدقيقي، الذبابة البيضاء).
اقرأ أيضًا: مشاتل إدلب تقاوم تحديات المناخ والدعم
