في مشهد يعكس تكاتف المجتمع السوري، انطلقت مبادرات محلية عديدة في مختلف المحافظات لدعم طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية. هذه المبادرات تؤكد أن قيمة المجتمع لا تكمن فقط فيما ينقصه، بل أيضاً فيما يقدمه لأفراده.
سناك سوري-دمشق
بعيداً عن الأضواء والتمويل الضخم، يتطوع البعض لتوفير النقل المجاني للطلاب، بينما يكرس آخرون وقتهم لتدريس من لا يستطيعون تحمل تكاليف الدروس الخصوصية. هذه الشبكات الصغيرة والفعالة تذكرنا بأنه على الرغم من كل الصعاب، لا يزال المجتمع السوري قادراً على دعم الفئات الأكثر ضعفاً.
ففي مدينة جبلة، أطلق ناشطون مبادرة "ابن البلد-جسور"، حيث استقبلت مجموعة من الشباب والشابات الطلاب أمام المراكز الامتحانية بالورود والمياه الباردة والعصائر والحلويات، بالإضافة إلى تبادل أطراف الحديث لرفع معنوياتهم ومنحهم الثقة. هذه المبادرة، التي تم تمويلها بتبرعات من أهالي المدينة وريفها، جاءت كرد فعل مدني على التوترات والعنف الطائفي الذي شهدته جبلة مؤخراً.
وشهدت العديد من المحافظات السورية الأخرى مبادرات مماثلة لتوفير النقل المجاني للطلاب من وإلى المراكز الامتحانية، وذلك في محاولة لتخفيف الأعباء عنهم، خاصة مع الارتفاع الكبير في تكاليف النقل. وشملت هذه المبادرات قرى مثل "سريجس" و"بستان الحمام" في ريف طرطوس، بالإضافة إلى "صلخد" و"داما" في ريف السويداء، وكذلك قرى ناحية معدان في ريف الرقة، ومدن سلمية وريف دمشق، حيث قام الأهالي، بمن فيهم المغتربون، بتمويل هذه الجهود.
وإلى جانب مبادرات توفير النقل، ظهرت مبادرات أخرى لا تقل أهمية، تمثلت في تقديم دروس مجانية مكثفة للطلاب قبل الامتحانات. ففي مدينة البوكمال بريف دير الزور، تطوع معلمون ومعلمات لتقديم دروس مجانية لطلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية. وبالمثل، في قرية "قباسين" بريف حلب، ضمن مبادرة "لِنَبنِ معاً" التعليمية، وأيضاً مبادرة مشابهة في مدينة نوى بمحافظة درعا تحت اسم "الأيام التعليمية المجانية"، حيث تطوع العديد من المعلمين والمعلمات لمساعدة الطلاب.
في بلد يئن تحت وطأة الصعاب، تضيء هذه المبادرات كشعلة أمل صغيرة ولكنها صادقة، مؤكدة أن التكافل لا يزال ممكناً، وأن المجتمع السوري، على الرغم من آلامه، لا يزال قادراً على أن يكون سنداً لأبنائه في لحظاتهم المصيرية.
يذكر أن امتحانات شهادتي التعليم الأساسيّ العام والشرعي، والثانوية المهنية دورة 2025، قد بدأت اليوم السبت، وبلغ عدد الطلاب، وفقاً لإحصاءات رسمية، أكثر من 398 ألف طالب وطالبة، موزعين على 2216 مركزاً امتحانياً.
